عقب احداث الحادي والعشرين من ايلول عام 2001م صدرت العديد من الدراسات الهامة المتصلة بقضايا هوية الامريكيين العرب، وكذا المتصلة بالمشاعر المعادية للعرب إجمالا. ورغم التطور الملحوظ في هذا الحقل إلا أن هناك القليل من دراسات المقارنة عن كيفية تناول الشعور الذاتي لعرب أمريكا في إطار حوار حضاري بين الشرق والغرب، وخاصة فيما يتعلق بموضوع “المواطنة الثقافية”، سواء على مستوى نماذج الثقافة الشعبية في الولايات المتحدة أو العالم العربي
وتحقيقا لهذه الغاية يقترح هذا الكتاب، عبر منهج دراسي مقارن، معالجة أمر المنتجات الثقافية العربية-الأمريكية، والتي تتمثل في نموذجي سينما هوليوود والسينما المصرية. وهنا تلفت الدراسة الانتباه إلى دور التداخلات الثقافية والسياسية في عرض صور الأمريكيين العرب النمطية على مواطني الولايات المتحدة، من جانب، والجماهير العربية من الجانب الآخر. وإذ إن صناع السينما في هوليوود سعوا منذ مرحلة السبعينات إلى تقديم عرب أمريكا في إنتاجهم من خلال صور امتزج فيها عاملي “الاستشراق” (المتأثر بالصراع العربي الإسرائيلي) و”العنصرية” (الموجهة ضد الأقليات)، فإن صناع السينما المصرية انخرطوا منذ مرحلة التسعينات، في المقابل، لتقديمهم من خلال النقد المباشر للولايات المتحدة، بناء على تداخلات الفكر القومي العروبي والإسلاموي والوطني
إن مشروع هذه الدراسة يهدف إلى تجاوز المخاوف الحالية بشأن الصورة النمطية المبثوثة لدى الجانبين، وكذلك يهدف إلى تناول القضايا الأشمل لمسائل الهوية والانتماء. وأيضا يأخذ الباحث في الحسبان الجهود المبذولة في أفلام السينما العربية، والأمريكية، والأمريكية العربية، والتي تسعى إلى تسليط الضوء على حالة الشتات العربي في الولايات المتحدة من خلال نشاطه العام، وتمثله الذاتي للهوية. فضلا عن ذلك تكمن أهمية مشروع الدراسة في سجالها مع الحيثيات العلمية الحديثة في مجال الدراسات الامريكية، وكذلك مجال الدراسات الإثنية الامريكية العربية، وذلك لتحديد موقع الولايات المتحدة في الفضاء العابر للحدود، وتعريف تجربة المهاجرين إليها، بعيدا عن مقيدات الدولة القومية
ولعل مشروع الدراسة، وفق هذا المعطى، يثير الجدل حول “الشأن الوطني المحدود” كمجال للتحليل النظري، ويقترح “الفضاء الإنساني الأوسع” كمجال بديل، ذلك الذي يخلق مساحة لفهم أعمق يتعلق بصورة عرب أميركا عند التقاطعات الاجتماعية والثقافية والجيوسياسية العربية ـ الامريكية